الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

نحن والصليب والخلاص


للمتأمل في كلمة الله تبدو خطة الله للخلاص ضاربة في أعماق الزمن، وممتدة إلى آفاق لا يُدرَك مداها.
وها هو معلِّمنا القديس بولس في مقدمة رسالته إلى أهل أفسس يشير إلى البُعْد الأزلي لهذه الحقيقة: «مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح، كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم، لنكون قديسين وبلا لوم قدَّامه في المحبة، إذ سبق فعيَّننا للتبنِّي بيسوع المسيح لنفسه، حسب مسرة مشيئته» (أف 3:1-5). كما يشير معلِّمنا القديس بطرس إلى بُعْدها الأبدي: «أنتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مُستَعَدٍّ أن يُعلن في الزمان الأخير.» (1بط 5:1)

وعلى امتداد الزمن كانت خطة الخلاص حلقات متصلة، كل منها تؤدِّي إلى الأخرى. فالوعد الإلهي بالخلاص تُرجم خلال الأجيال بالرعاية والتأديب والرمز والوصية؛ بل والتوجيه المباشر من خلال الآباء الأُول، ثم بإرسال الأنبياء، حتى جاء ملء الزمان لإخلاء الابن (في 7:2)، وتجسُّده (1تي 16:3)، فميلاده البتولي (لو 11:2، غل 4:4و5)، فإعلان العهد الجديد (عب 15:9؛ 14:12)، والتبشير بإقبال ملكوت الله (مت 28:12)، فاجتياز دروب الآلام والأحزان الساحقة وضمنها معاناة جثسيماني وخيانات مَنْ أحبهم، إلى ألوان التعيير والاستهزاء والإهانة والضرب واللطم: «لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل، وهو آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد، أن يُكمِّل رئيس خلاصهم بالآلام» (عب 10:2). حتى الخطوات الحاسمة من الفداء، من الارتفاع على الصليب وقبول الموت: «إذ محا الصكَّ الذي علينا في الفرائض، الذي كان ضداً لنا، وقد رفعه من الوسط مُسمِّراً إياه بالصليب» (كو 14:2)، إلى قيامته المنتصرة، وبعدها صعوده إلى المجد حيث سيأتي المخلَّصون: «فمِن ثمَّ يقدر أن يخلِّص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حيّ في كل حين ليشفع فيهم» (عب 25:7)، فإرسال الروح القدس لتأسيس الكنيسة ومساندتها حتى مجيء الرب الثاني وإعلان الخلاص الأخير: «هكذا المسيح أيضاً، بعدما قُدِّم مرة لكي يحمل خطايا كثيرين، سيظهر ثانية بلا خطية للخلاص للذين ينتظرونه.» (عب 28:9)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق